كان أنصار المنتخب الوطني سهرة أول امس بملعب مراكش أكبر الخاسرين في مباراة "الخضر" وأسود الأطلس، بعد الخسارة التاريخية لأشبال عبد الحق بن شيخة برباعية نظيفة كادت تكون أثقل لولا براعة مبولحي وسوء حظ زملاء الشماخ، خاصة أن المئات من الجزائريين تحملوا عناء التنقل لآلاف الكيلوميترات ودفعوا أموالا كبيرة من أجل حضور "مهزلة تاريخية" لم تحدث في أسوإ الفترات التي مرت بها كرة القدم الجزائرية.
وصب انصار المنتخب الوطني جام غضبهم على المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة، حيث اهتزت مدرجات ملعب مراكش بعد نهاية المباراة على وقع الأهازيج المنادية بإبعاد بن شيخة من العارضة الفنية للمنتخب، وردد الأنصار مطولا الشعار الشهير حاليا "ارحل يا بن شيخة.." في صورة توضح رغبة الجزائريين في إحداث ثورة كروية تطيح بكل الفاعلين في كرة القدم الجزائرية وعلى رأسهم المطلوب رقم واحد عبد الحق بن شيخة، الذي تعرض لانتقادات لاذعة من قبل كل الجزائريين الحاضرين بمراكش أول أمس.
قلتها.. فالتزم بها يا "جنرال.."؟
هذا وفضل الأنصار الذين تحدثت إليهم "الشروق" بعد نهاية المباراة توجيه رسالة واضحة للناخب الوطني، تدعوه فيها إلى الانسحاب من تدريب "الخضر" بعد فشله الذريع لحد الآن، خسارة تاريخية أمام إفريقيا الوسطى بثنائية، سقوط حر أمام المغرب برباعية وفوز بضربة جزاء أمام المغرب بعنابة، في حصيلة سلبية على طول الخط قضت على آمال الجزائر في التأهل إلى كأس إفريقيا 2012، وقال الأنصار في رسالتهم الموجهة لبن شيخة عبر "الشروق"، "لقد قلت إنك ستستقيل إذا خسرت أمام المغرب.. الآن عليك الوفاء بوعدك وترك المنتخب الوطني.."، قال الأنصار الذين رددوا مطولا "يا بن شيخة.. المنتخب الوطني كبير عليك".
خيبة أمل كبيرة جدا.. والبعض لم يقو على مغادرة الملعب
وبلغت درجة تأثر الأنصار أوجها بعد نهاية المباراة، حيث كانت خيبة الأمل كبيرة وكبيرة جدا على وجوه أنصار المنتخب الوطني الذين عجز بعضهم عن مغادرة الملعب بعد نهاية اللقاء، حيث بقوا مشدودين إلى كراسيهم، على اعتبار أنهم لم يصدقوا الخسارة الثقيلة جدا التي تعرض لها زملاء زياني، والتي لم يعتد عليها الجزائريون حتى في اسوأ فترات كرة القدم الجزائرية، إذا ما استثنينا طبعا الخسارة أمام المنتخب المصري بأنغولا.
"أغلى مهزلة" في تاريخ الجزائر
من جهة اخرى، ذهب بعض الأنصار إلى التأكيد على أن مباراة أول أمس كانت "أغلى مهزلة" في تاريخ الجزائر الكروي، حيث قال الأنصار الذين التقت بهم "الشروق" بعد المباراة انهم دفعوا أموالا كبيرة، خاصة أولئك الذين تنقلوا من كندا ومختلف الدول الأوروبية الأخرى، من أجل حضور مهزلة وكارثة بأتم معنى الكلمة، بدل أن يحضروا مباراة كبيرة تليق بسمعة الجزائر الكروية، في حين أن بعض الأنصار المتنقلين من الجزائر تركوا أشغالهم وعائلاتهم من أجل حضور "كارثة مراكش".
البعض ضحى بعطلته الصيفية وآخرون دفعوا 400 يورو من أجل تذكرة
وكان وقع الخيبة كبيرا جدا، خاصة إذا عرفنا أن بعض الأنصار ضحى بعطلته الصيفية من أجل حضور مباراة أول أمس، وهو ما قاله بعض الأنصار لـ"الشروق"، "الأموال التي جمعناها من أجل قضاء العطلة الصيفية صرفناها من أجل المنتخب الوطني.. لو فزنا أو تعادلنا ماشي خسارة، لكن أن نتعرض لهذه الإهانة فهذا غير مقبول.."، قال الأنصار لـ"الشروق"، مضيفين بأن لا أحد يهتم بأمرهم إذا تعلق الأمر بأموالهم، في حين تقوم الدنيا عندما يتحدث البعض عن المنح والأموال التي تمنح للاعبين، كما أن تضحيات الأنصار من أجل المنتخب كبيرة أول أمس، لاسيما أن بعضهم دفع 400 يورو من أجل الحصول على تذكرة اللقاء.
بن شيخة واصل شطحاته الإعلامية
الصحفيون المغاربة غادروا الندوة الصحفية احتجاجا على تصريحاته
يبدو أن عبد الحق بن شيخة رفض التخلي عن تقاليده المثيرة للجدل في تصريحاته منذ توليه زمام العارضة الفنية لـ"الخضر"، حيث أثار أول أمس حفيظة الصحفيين المغاربة عندما رد على سؤال يتعلق بمستقبله مع المنتخب الوطني في الندوة الصحفية، التي أعقبت المباراة، بالقول "أفضل الإجابة عن السؤال عندما أعود إلى الجزائر وسط العائلة.."، وهو ما اعتبره الزملاء المغاربة إهانة لهم وتقليلا من شأنهم، قبل أن يحاول بن شيخة الاعتذار دون جدوى.
ولا تعد هذه الخرجة الوحيدة للناخب الوطني السابق، الذي أطلق العديد من التصريحات المثيرة للجدل وغير المدروسة منذ توليه تدريب "الخضر"، حيث يفضل دائما توظيف الصيغ التشبيهية البعيدة عن كرة القدم، والمستعملة أساسا للاستهلاك الإعلامي القريب من تمجيد الشخص لا غير، على غرار تصرحاته السابقة التي تحدث فيها عن القذافي، الفتوحات الإسلامية ونشر الإسلام.
وكان الأنصار الذين تحدثوا إلى"الشروق" أمس عبروا عن استيائهم من تصريحات بن شيخة، مشيرين إلى أنهم وعدهم بالكثير دون أن يفي بوعوده، قائلين إن سعدان كان على الأقل يعتمد على مبدأ التحفظ وعدم إطلاق الوعود الرنانة، لكنه قاد الجزائر إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا 2010 ومونديال جنوب إفريقيا 2010 دون أن يتحدث عن أي فتوحات.
رغم أن الكثير من المغاربة كانوا رياضيين
حافلتان لأنصار "الخضر" تتعرضان للرشق بالحجارة بمراكش
تعرضت ليلة أول امس حافلتان لأنصار المنتخب الوطني للرشق بالحجارة، وهما في طريقهما من ملعب مراكش إلى مقر إقامتهم، حيث تم تهشيم زجاج ثلاث نوافذ لحافلتين كانت تقل انصار المنتخب الوطني، من دون إحداث أي إصابات وسط الأنصار، وهذا في حادث معزول بالنظر للاستقبال الكبير الذي حظي به الجزائريون منذ وصولهم إلى المغرب، والروح الرياضية التي تمتع بها المغاربة، حيث تم الرشق من قبل مجموعة من المراهقين بعد مرور حافلتي الأنصار من حي شعبي بمراكش.
وفي الحقيقة لا يمكن لهذا التصرف المعزول أن يمحي الإنطباع الإيجابي الذي تركه المغاربة لدى أنصار المنتخب الوطني، ماعدا بعض التصرفات الأخرى السلبية وعلى رأسها التصفير على النشيد الوطني الجزائري.
المدن المغربية لم تنم أول أمس بعد الفوز على "الخضر"
البسطاء تذكروا أفراح المونديال.. والسياسيون فرحوا مرتين
عاشت أول أمس كل المدن المغربية ليلة بيضاء بعد الانتصار التاريخي والعريض الذي سجلوه على حساب المنتخب الجزائري، والذي مهد لهم طريق التأهل إلى كأس إفريقيا 2012 بالغابون وغينيا الاستوائية، لاسيما أن الانتصار جاء على حساب الغريم التقليدي الجزائر، حيث يكتسب الفوز وجهين، الأول رياضي والثاني سياسي، وخرج المغاربة بالآلاف إلى الشوارع حاملين الأعلام الوطنية هاتفين بحياة زملاء الشماخ بعد تقديمهم لدرس كروي لزملاء زياني.
وكانت مدينة مراكش التي احتضنت المباراة بمثابة قاعة حفلات في الهواء الطلق، حيث استمرت الاحتفالات إلى غاية الساعة السادسة من صباح أمس، حيث اختنقت الشوارع بالحركة المرورية ووجد أعوان الأمن صعوبات كبيرة جدا في تنظيم حركة السير، أمام الأمواج البشرية المحتفلة بالانتصار الكبير للمنتخب المغربي، حيث شبه العديد من المغاربة الذين تحدثت إليهم "الشروق" أول أمس تلك الأفراح بأفراح التأهل إلى مونديال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994.
إلى ذلك لم يقتصر الاحتفال المغربي على المواطنين فقط والمولوعين بكرة القدم، حيث مس أيضا السياسيين الذي يعد الفوز الرياضي على حساب الجزائر بمثابة انتصار سياسي، خاصة أن الصحف المغربية لم تتخلف أي يوم عن ذكر التصريحات التي أطلقها الوزير الأول أحمد أويحيى حول قضيتي الصحراء الغربية والحدود، رغم أنها كانت بصدد الحديث عن مباراة كرة قدم فقط.
بعد أن سمعوا بخبر إقالة بن شيخة صباح أمس
ارتياح كبير وسط الأنصار ومطالب بتعيين مدرب أجنبي من العيار الثقيل
عمت أمس، الفرحة الممزوجة بالحسرة وسط أنصار المنتخب الوطني بمراكش، عقب بلوغ مسامعهم خبر إقالة المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة من تدريب "الخضر" قبل عودته إلى الجزائر، حيث عبر العديد من الأنصار الذين التقت بهم "الشروق" بمراكش عن ارتياحهم لإقالة بن شيخة، على خلفية أنه المتسبب رقم واحد، حسبهم، في النتائج الكارثية التي سجلها المنتخب الوطني منذ توليه زمام العارضة الفنية.
وأجمع الأنصار على أن بن شيخة لم يقدم أي شيء يذكر لـ"الخضر" بعد خلافته لسعدان، واكتفى بالكلام أكثر من العمل، حسبهم.
"مدرب خطيب" وفقط..
من جهة أخرى، أكد العديد من أنصار المنتخب الوطني الذين تنقلوا إلى المغرب أن عبد الحق بن شيخة مدرب كثير الكلام ومولوع بالبهرجة الإعلامية فقط، ولم يبرهن على قدراته كمدرب على أرضية الملعب، مشيرين إلى أنه نال أكثر من حقه، ووصف مناصر تحدث إلى "الشروق" أمس، بن شيخة بـ"المدرب الخطيب.." الذي يقول أكثر مما يعمل.
افتح الخطوط الدفاعية والملاعب قبل نشر الإسلام يا جنرال
إلى ذلك، عبر بعض الأنصار عن امتعاضهم من الخرجات الإعلامية للمدرب الوطني السابق، خاصة تصريحاته الأخيرة الذي تحدث فيها عن نشر الإسلام والفتوحات الإسلامية، حيث قالوا لـ"الشروق" إن بن شيخة مطالب بفتح الخطوط الدفاعية والملاعب قبل أن يتحدث عن أية فتوحات أخرى لا تعنيه لا من بعيد ولا من قريب، بل إن تصريحاته رفعت من حدة الضغط المفروض على لاعبيه ورفعت معنويات منافسيه.
مطالب بتعيين مدرب أجنبي كبير
هذا وطالب الأنصار بتعيين مدرب أجنبي من العيار الثقيل لتدريب المنتخب الوطني، خاصة أنه لن يكون معنيا بكأس إفريقيا 2012 إلا في حال معجزة، داعين الفاف إلى اختيار مدرب كبير وليس الاكتفاء بتعيين مدرب من المستوى الثاني اول الثالث، خاصة الأموال متوفرة في خزائن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، حسب ما أكده روراوة في العديد من المرات.
لسنا أحسن من الإنجليز الذين اخترعوا كرة القدم
إلى ذلك، قال الأنصار الذين تحدثت إليهم "الشروق" إن الجزائر ليست أحسن من إنجلترا التي اختارت مدربا أجنبيا لتدريب منتخبها، رغم أن الإنجليز هم من اخترعوا كرة القدم، ودعا هؤلاء الفاف إلى اختيار المدرب المناسب وليس تضييع الوقت في تجربة حل آخر لا يسمن ولا يغني من جوع.
غيرتس:
"إنها أحسن مباراة رسمية في مشوار المنتخب المغربي"
قال البلجيكي إيريك غيرتس إن المغرب لعب أحسن مباراة رسمية في مشواره الكروي، حيث قدم الفريق مباراة كبيرة وعروض رائعة يمكن الافتخار بها، مشيرا أن المنتخب الجزائري لعب عشرين دقيقة فقط، أي لما كان عناصره يعتمدون على الكرات الطويلة، لكن ما إن طلب من خرجة ويوسف حاجي تغيير نمط اللعب والاعتماد على الكرات القصيرة تغيرت الأمور، فجاءت الأهداف وصال عناصره وجالوا فوق الميدان.
وغضب غيرتس بشدة كبيرة من أحد الصحفيين لما سأله عن عادل تاعرابت الذي غادر الفريق وخلفيات ما حدث، مجيبا بأنه من المخزي التحدث عن لاعب رفض الألوان الوطنية بسبب عدم إشراكه كأساسي، وأظن قال غيرتس أن النتيجة التي سجلها الفريق هي في حد ذاتها رد واضح لتاعرابت والتشكيلة التي قدمت مباراة كبيرة أكدت له أنه لا مكان له في التشكيلة.
وقد رد الصحفيون المغاربة على كلمات الناخب الوطني بالتصفيق والتحية وفهموا أن تاعرابت هو المخطئ.
وعن سؤال يتعلق بمفاتيح المباراة قال الناخب المغربي إنها كانت في الإرادة والرغبة الكبيرتين في الفوز لدى اللاعبين، هم الذين كشفوا له في الأيام التي قضوها سويا في التربص أنهم أهلا لثقته، مما جعله كما قال يقتنع أن الفوز مضمون مسبقا أمام الجزائر.